أوصيكم بتقوى الله
رمضان شهر " التقوى " .. والتقوى هي الزاد الأقوى .. " إن خير الزاد التقوى"، وهي الهدف الأسمى "لعلكم تتقون "، والمرتبة العليا، التي يسعى للوصول إليها العاملون، ويتنافس في سبيلها المؤمنون ، وينجي بها الله السائرين، فيفتح عليهم بها السبل، ويغدق عليهم النعم " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " . ويجعل لهم بها من كل ضيق وكرب مخرجا " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " .
" اتق الله " هي الوصية الجامعة المانعة، والكلمة المختصرة البليغة، التي تغنيك عن المقالات، وتحيي في نفسك الكثير من المعاني والدلالات، فلست بحاجة معها إلى مزيد بيان، أو تفعيل خطاب، أو بلاغة قول.
" أوصيكم بتقوى الله " في فقه سادتنا الأولين -رحمهم الله- أساس ثابت ، لم يغفل عنها قائد أو خطيب أو متحدث أو مسافر.. الكل يذكر بها، ويحث على ضرورة اصطحابها وعدم الغفلة عنها.. فقد كان أبو بكر -رضي الله عنه- يقول في خطبه : " أما بعد ، فإني أوصيكم بتقوى الله ، وأن تثنوا عليه بما هو أهله، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة وتجمعوا الإلحاح بالمسألة..".
ولما حضرته الوفاة، وعهد إلى عمر بالخلافة قال له: اتق الله يا عمر.
وكتب عمر -رضي الله عنه- إلى ابنه عبد الله: " أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله -عز وجل- فانه من اتقاه وقاه، ومن اقرضه جزاه، ومن شكره زاده واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك " .
وكتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- إلى رجل : " أوصيك بتقوى الله ، التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فان الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإياك من المتقين " .
وقال رجل لأحدهم: أوصني، فقال : " أوصيك بتقوى الله والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا وهم محسنون " .
وقال آخر لطالب وصية: " اتق الله ، فمن اتقى الله فلا وحشة عليه " .
ولما ولي عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- خطب فقال بعد أن حمد الله أثنى عليه : " أوصيكم بتقوى الله -عز وجل- فإن تقوى الله خلف من كل شيء، وليس من تقوى الله خلف " .
واستعمل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- رجلاً على سرية ، فقال له : "أوصيك بتقوى الله، الذي لا بد لك من لقائه، ولا منتهى لك دونه، وهو يملك الدنيا والآخرة".
وكتب أحد الأولين من السلف الكرام إلى أحد إخوانه : " أوصيك بتقوى الله، فإنها أكرم ما أسررت وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت، أعاننا الله وإياك عليها، وأوجب لنا ولك ثوابها " .
أخانا الكريم.. ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك ، شهر الإيمان والتقوى فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله .